اذن، ما العلاقة القائمة بين الأنظمة البيئية ؟

العناصر الغذائية و الكائنات الحية و الماء و الهواء و أي مكونات آخرى للنظام البيئي بإمكانها أن تدخله و تخرج منه، فالحدود التي يمكن أن نرسمها لنظام بيئي معيّن ليست صارمة، بل هي تسمح لعدة أجزاء بالعبور من خلاله. على سبيل المثال، في النظام البيئي الذي يوجد في فمك، الغذاء و الأكسجين و الماء هي كلها مكونات صادرة من خارجه، و يمكن أيضاً أن تغادره عند قيامك بالبلع أو الزفير، و يسمح هذا الدخول و الخروج الدائم للمكونات بين الأنظمة البيئية بربط بعضها ببعض

و الآن لنلقي نظرة على كيف يمكن لعدة أنظمة بيئية ان ترتبط ببعضها من خلال سمك السالمون و هو سمك رائع بإمكانه أن يعيش في عدة أنظمة مختلفة على مدار حياته، و الذي وافق أيضاً أن يصطحبنا في رحلته عابرة الأنظمة (شكرًا سالمون!)

يُولد سمك السالمون أولاً في نظام بيئي لمجرى مائي صغير، و عندما يصبحون أكثر قوة، يسبحون مع التيار للخروج من مجاري المائية الصغيرة إلى أخرى أكبر ثم إلى الأنهار الكبيرة في نهاية المطاف. و بعد ذلك، يغادر السالمون الأنظمة البيئية للمياه العذبة حتى يلتحق بمصبّات الأنهار و هي خليط بين الماء العذب و المالح حيث بإمكانه أن يقضي فيه سنة أو سنتين قبل أن يسبح من جديد إلى المحيط أين نجد نظام بيئي آخر مختلف. و بعد بضع سنوات من التغذي و النموّ الكبير فيه، يقوم هذا السمك المغامر بعودة أدراجه إلى نفس تلك المجاري المائية الصغيرة التي وُلد فيها حيث سيتكاثر و يموت. و على غراره، يقوم السالمون بربط المجاري بالمحيط، اذ ينقل السمك اليافع الأنظمة البيئية الخاصة بالمجاري إلى أنهار كبيرة و مصبّاتها ثم المحيط حيث بإمكان هذه الأنظمة أن توفّر الطاقة و العناصر الغذائية التي تحتاجها الحيوانات المفترسة. اما بالنسبة لطريق عودته، يقوم السالمون البالغ بنقل العناصر الغذائية و الطاقة الصادرة من الأنظمة البيئية التي توجد في المحيط إلى المجاري المائية الصغيرة

 سمك السالمون المهاجر ينقل المواد (الطاقة و العناصر الغذائية) عبر حدود الأنظمة البيئية. مجاري مائية صغيرة، أنهار كبيرة، مصبّات أنهار، المحيط

بفضل السالمون الذي ينقل الطاقة و العناصر الغذائية بين الأنظمة البيئية، هناك شتّى الكائنات الحية الأخرى التي ستنتفع بما يقوم به هذا النوع من السمك، و لكن في بعض الأحيان، العلاقات التي تجمع أنظمة ما قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. على سبيل المثال، يقوم الإنسان بنقل عدة مكونات منها، فالسيّارات و الطائرات التي نستخدمها كوسائل نقل لها تأثيرات سلبية  على أنظمة بيئية أخرى أكثر مما يمكن تخيّله ذلك لأنها تنقل الملوّثات إلى الجوِّ التي بدورها يمكن أن تدخل إلى أنظمة أخرى. مثلاً، كل سنة من خلال حرق الوقود الأحفوري، يزيد 10 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون المُطلَق في الجوّ. إضافة إلى هذا، نحن نصنع الكثير من النفايات التي تُختزن أحياناً بعيدًا عن النظام البيئي للبلدة أو المدينة التي جاءت منها (النفايات) في المقام الأول. في الولايات المتحدة الامريكية، كل شخص ينتج بمعدل 2.1 كيلوغرامًا من النفايات في اليوم الواحد

من الطرق التي تساعد العلماء على مراقبة الأنظمة البيئية و تأثيرات البشر عليها هو القيام بميزانية للطاقة أو للعناصر الغذائية التي تحتويها مثل النيتروجين، هذه الميزانية تشبه الميزانية المالية، حيث يحاول العلماء أن يحتسبوا كل ما يدخل لنظام ما أو يخرج منه من طاقة و نيتروجين حتى يحدّدوا  اذا كان ذلك النظام البيئي يخزن المواد (الطاقة و النيتروجين)، يدخلهم إليه أو يخرجهم منه، أي كلما صغُرت ميزانيتك (أيضاً تسمى بالبصمة الكربونية) كلما كان ذلك أحسن للنظام. و لمعرفة ما حجم بصمتك الكربونية، يمكنك إستعمال هذا الموقع الإلكتروني الذي يسمح لك لأن تحسب حجم مساهمتك في ميزانية النظام البيئي للكربون، ألا هو مادة أساسية لأي كائن حي 

(http://www.myfootprint.org/en/visitor_information/ | افتحه في نافذة جديدة).

علاوة على السماح للمكونات بالعبور من خلالها، إن حدود الانظمة البيئية يمكن لها في الحقيقة أن تتحرك، لتسمح لنظام أن يندمج مع آخر. على سبيل المثال، يظن البعض انه من السهل أن نرسم حدودًا حول نظام بيئي لمجرى مائي، انه فقط ذلك الجزء المبلّل أليس كذلك؟ في الحقيقة لا، فعلى مدار السنة يمكن لمستوى الماء في المجرى أن يختلف، مما يسبب امتداد أو تقلص حجم النظام البيئي لذلك المجرى.

فعندما تحدث فياضانات، المجرى يصبح فجأة كبيراً و يتمدد على النظام البيئي للأرض المعشوشبة أو للصحراء أو للغابة المحيطة به. ربما قد لاحظت من قبل مثالاً آخر للحدود المتنقلة في مدينتك أو بلدتك، هذه الحدود تمتدّ و تمتدّ أكثر. اذن، في المرّة القادمة التي تراقب فيها حدود نظام بيئي، لتحاول أن تكتشف اذا كانت تتحرك، و إن كانت كذلك بالفعل، أتتحرك بخطوات زاحفة ام بقفزات عملاقة؟